خاص الموقع
ميناء طرطوس: اتفاقية الاستثمار مع DP World وتداعياتها على الاقتصاد والسياسة في سوريا
يعد ميناء طرطوس ثاني أكبر مرفأ في سوريا، ويتمتع بموقع استراتيجي يربط البلاد بالبحر المتوسط، ويشكل محورًا حيويًا لحركة الاستيراد والتصدير. شهد الميناء عبر العقود الماضية تحولات كبيرة بدءًا من الوجود العسكري الروسي منذ عام 1971، وصولًا إلى اتفاقية إدارة وتشغيل الميناء المبرمة عام 2019 مع شركة روسية، والتي تم إلغاؤها مطلع عام 2025 بسبب فشل الشركة في تنفيذ التزاماتها الاستثمارية.
في مايو 2025، اتجهت الحكومة السورية الجديدة إلى توقيع مذكرة تفاهم مع شركة موانئ دبي العالمية (DP World)، أعقبها في 13 يوليو 2025 توقيع اتفاقية امتياز لمدة 30 عامًا بقيمة 800 مليون دولار. تهدف الاتفاقية إلى تحديث الميناء بالكامل عبر تعميق الغاطس، توسيع الأرصفة، وتزويده بأنظمة تشغيل رقمية حديثة، إضافة إلى إنشاء مناطق لوجستية وصناعية حرة وموانئ جافة داخل سوريا. كما تشترط الاتفاقية توظيف ما لا يقل عن 90% من اليد العاملة السورية وتقديم برامج تدريبية متقدمة.
توزعت مراحل الاستثمار على ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى (1–3 سنوات): التركيز على الأعمال التمهيدية وتعميق الغاطس وتوسيع الأرصفة.
المرحلة الثانية (3–6 سنوات): تركيب أنظمة تشغيل رقمية وبدء التشغيل الجزئي.
المرحلة الثالثة (حتى نهاية الامتياز): التوسع الكامل وبناء المناطق الحرة والموانئ الجافة.
أثار الاتفاق ردود فعل دولية متباينة؛ إذ اعتُبر مؤشرًا على انفتاح سوريا على الاستثمارات الخليجية والدولية بعد سنوات من العزلة والعقوبات، بينما عبّرت روسيا عن قلقها من تراجع نفوذها الاقتصادي في الميناء، مما دفعها إلى إعادة التفاوض بشأن وجودها العسكري هناك.
يُعد هذا المشروع أكثر من مجرد اتفاق اقتصادي، فهو يمثل تحولًا استراتيجيًا في التموضع السياسي لسوريا، ويهدف إلى جعل ميناء طرطوس مركزًا إقليميًا يربط الخليج العربي بالمتوسط والعراق، بديلاً عن موانئ بيروت والعقبة. يعكس الاتفاق توجهًا نحو إعادة هيكلة المشهد الجيوسياسي في الساحل السوري، وتخفيف الاعتماد على روسيا عبر تعزيز الشراكات مع قوى إقليمية ودولية جديدة
- المصدر:
- المركز الدولي للحقوق و الحريات